نظرة على أهم أحداث الأسبوع الإقتصادية 10-14 مارس

يبدأ الأسبوع بوتيرة هادئة مع قلة البيانات الاقتصادية المقررة يوم الإثنين، مع الأخذ في الاعتبار تغيير التوقيت الصيفي في كل من الولايات المتحدة وكندا. ومع دخول الأسبوع، تصدر أستراليا يوم الثلاثاء مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن Westpac، بينما تعلن اليابان عن بيانات إنفاق الأسر على أساس سنوي، في حين تصدر الولايات المتحدة تقرير فرص العمل (JOLTS)، الذي تشير التوقعات إلى ارتفاعه إلى 7.71 مليون فرصة مقارنة بـ 7.60 مليون في الشهر السابق.

في يوم الأربعاء، يتصدر التضخم الأمريكي (CPI) قائمة البيانات الأكثر أهمية، حيث يترقب المستثمرون والمسؤولون عن السياسة النقدية هذه الأرقام لتقييم مسار التضخم. أما في كندا، فسيكون التركيز منصبًا على إعلان بنك كندا (BoC) عن سياسته النقدية، وسط تكهنات حول خفض محتمل لأسعار الفائدة. يتواصل الزخم الاقتصادي يوم الخميس مع صدور بيانات أمريكية مهمة، من بينها مؤشر أسعار المنتجين (PPI) وإعانات البطالة، التي تعطي إشارات حول أوضاع سوق العمل. ومع نهاية الأسبوع يوم الجمعة، تنشر المملكة المتحدة بيانات الناتج المحلي الإجمالي على أساس شهري، بينما تصدر الولايات المتحدة تقرير جامعة ميشيغان لثقة المستهلك وتوقعات التضخم، وهي بيانات تتابعها الأسواق عن كثب لقياس توجهات المستهلكين.

أما على صعيد سوق العمل الأمريكي، فقد أظهرت بيانات نهاية عام 2024 علامات على الاستقرار رغم فقدان 500 ألف وظيفة في ديسمبر، حيث ارتفع إجمالي عدد الوظائف الشاغرة خلال الربع الأخير من العام. ويشير محللو Wells Fargo إلى أن معدل دوران الوظائف لا يزال عند مستويات منخفضة تاريخيًا، مع انحسار ظاهرة تغيير الوظائف التي برزت بعد الجائحة. في الأشهر الأخيرة، استقرت معدلات التوظيف والاستقالات بدلًا من أن تنخفض أكثر، مما قد يشير إلى نقطة تحول في سوق العمل. لا يُتوقع حدوث تراجع كبير في بيانات هذا الأسبوع، إلا أن استمرار حالة عدم اليقين في السياسات الاقتصادية قد يضغط على قرارات التوظيف ونشاط الباحثين عن عمل، حيث تترقب الشركات والأفراد تداعيات التغيرات الأخيرة في السياسة الاقتصادية قبل اتخاذ قراراتهم.

فيما يتعلق بالتضخم، تشير التوقعات إلى تراجع طفيف في وتيرة الارتفاع، حيث من المتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي الشهري إلى 0.3% مقارنة بـ 0.4% سابقًا، بينما يتوقع أن يصل التضخم السنوي إلى 2.9% مقارنة بـ 3.0% في الشهر السابق. وكان التضخم في الولايات المتحدة قد سجل ارتفاعًا في يناير، لكنه جاء أقل حدة مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، حيث شهدت بعض القطاعات زيادات كبيرة في الأسعار، مثل الأدوية الموصوفة والسيارات المستعملة وتأمين المركبات وخدمات الترفيه، إلا أن بعض هذه الزيادات تراجعت في فبراير. وقد لعبت أسعار المواد الغذائية دورًا رئيسيًا في ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين خلال فبراير، حيث أظهرت بيانات وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) عدم وجود أي تراجع في أسعار البيض. من ناحية أخرى، ساهم التباطؤ في ارتفاع تكاليف الطاقة، خاصة أسعار البنزين، في الحد من الضغوط التضخمية، وفقًا لتقديرات Wells Fargo. ورغم التوقعات بتراجع بعض أسعار السلع الأساسية، فإن بدء تطبيق تعريفات جمركية جديدة على الواردات الصينية في فبراير قد يعوض هذا الانخفاض، حيث بدأت الشركات بالفعل في تعديل استراتيجيات التسعير لمواجهة هذه الرسوم، مما يبقي التضخم عند مستويات مرتفعة نسبيًا.

أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية، فلا يزال الفيدرالي الأمريكي متوقعًا أن يخفض أسعار الفائدة في يونيو المقبل، إلا أن التضخم لا يزال أعلى من المستوى المستهدف، مما يجعل أي قرارات مستقبلية مرهونة بمدى تراجع الأسعار. في كندا، يتوقع أن يخفض بنك كندا الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه هذا الأسبوع، لكن هناك احتمالية للإبقاء عليها دون تغيير، خاصة في ظل المخاطر التجارية التي تلوح في الأفق بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة مؤخرًا. ويشير محللو Scotiabank إلى أن بنك كندا قد يتبنى نبرة حذرة نظرًا لتزايد المخاطر على الاقتصاد الكندي نتيجة للرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، مما قد يدفع البنك المركزي إلى تأجيل أي تخفيضات إضافية حتى تتضح الصورة بشكل أكبر.

على الجانب السياسي في كندا، فاز مارك كارني، المحافظ السابق لبنك كندا وبنك إنجلترا، برئاسة الحزب الليبرالي، ليحل محل جاستن ترودو كرئيس للوزراء. وتشير التوقعات إلى احتمال دعوته إلى انتخابات فيدرالية مبكرة.

أما بالنسبة للاقتصاد الكندي، فقد بدأت بوادر تعافٍ مبكر في الطلب المحلي خلال عام 2025، مدعومة بنمو أقوى من المتوقع للناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من عام 2024. ورغم وجود ضعف في بعض القطاعات الحساسة للتجارة، لا يزال معدل البطالة أقل من مستوياته في أواخر عام 2024، مما يعكس تضييق الفجوة الإنتاجية، وهو عنصر رئيسي في تحديد مستقبل التضخم وفقًا لإطار السياسة النقدية لبنك كندا. ويظل التضخم قريبًا من مستوى 2% المستهدف، رغم أن هذا الانخفاض يعزى جزئيًا إلى العطلة الضريبية الفيدرالية على المبيعات، والتي كان من الممكن أن تجعل التضخم أعلى لولا وجودها.

وفيما يتعلق بالعلاقات التجارية، فقد بدأت الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك في التراجع، حيث تم استثناء الصادرات المتوافقة مع اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA). ورغم أن 38% فقط من الصادرات الكندية استفادت من الاتفاقية العام الماضي، فإن هذا الرقم مرشح للارتفاع بسرعة، وفقًا لتقديرات RBC. ومع ذلك، من المتوقع فرض رسوم جديدة على الصلب والألمنيوم خلال الأسبوع المقبل، مما قد يؤدي إلى إجراءات تجارية انتقامية أوسع نطاقًا بحلول أبريل. وتظل حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية الأمريكية مرتفعة، مما يفرض تحديات على استثمارات الشركات الكندية.

وفي ظل هذه التطورات، يرى محللو RBC أن بنك كندا بحاجة إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم الاقتصاد وتجنب إضافة المزيد من الضغوط التضخمية. ومع بقاء سعر الفائدة الأساسي عند 3%، وهو الحد الأعلى للنطاق المحايد (2.25%-3.25%)، فإن أي خفض إضافي قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد. إلا أن حاكم بنك كندا، تيف ماكلم، أكد أن السياسة النقدية وحدها لن تكون كافية لمواجهة الصدمات التجارية، وقد يكون من الضروري اللجوء إلى سياسات مالية أكثر استهدافًا لدعم القطاعات الأكثر تأثرًا.

وبالعودة إلى الولايات المتحدة، فإن البيانات المتوقعة تشير إلى انخفاض ثقة المستهلك، حيث يتوقع أن تسجل القراءة الأولية لمؤشر جامعة ميشيغان 63.8 مقارنة بـ 64.7 في الشهر السابق. كما يُراقب صناع القرار في الفيدرالي هذه البيانات عن كثب، حيث إن استمرار تراجع معنويات المستهلكين قد يثير مخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي.

في المجمل، لا تزال حالة عدم اليقين تسيطر على المشهد الاقتصادي، مع تحديات كبيرة تواجه كلًّا من الولايات المتحدة وكندا بسبب التضخم والضغوط التجارية، مما يجعل قرارات السياسة النقدية في المرحلة المقبلة محط اهتمام الأسواق والمحللين.

تحذير مخاطر: تداول العملات والعقود مقابل الفروقات هو نشاط استثماري عالي المخاطر، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. قبل البدء في التداول، من المهم أن تفهم المخاطر المحتملة.

يرجى الملاحظة أن جميع التحليلات المالية والتقارير المقدمة تُعتبر وجهات نظر وآراء فقط، ولا يجب تفسيرها على أنها توصية استثمارية في أسواق المال. تعكس الآراء المطروحة آراء الكتّاب والمحللين المعنيين وقد تستند إلى مصادر معينة وتقديراتهم الشخصية . ينبغي على المستثمر أخذ هذه المعلومات كمرجع فقط والبحث والتحقق بشكل مستقل قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.